"التعصب كبنية" ... أول محاضرة أعرف فيها الدكتور عدنان إبراهيم ,كانت على شاكلة خطبة
جمعة كما هي عادة أغلب محاضراته التي شدت
إليها الأنظار وأسالت المداد الوفير و
أفردت حولها النقاشات والأحاديث الطوال باختلاف
الآراء حوله بين من أعجب بالعبقري –كما يلقبه محبوه – وبين من اختلف معه و سخط عليه وجعله في خانة الزنادقة تارة و
أعداء الدين تارة أخرى.
إنطلقت في الإستماع بتأن
لكلام الدكتور عدنان إبراهيم مركزا أيما تركيز خصوصا وأن غالبية أصدقائي
كانوا من دائمي الإستماع إليه. أشاهد المحاضرة تلو الاخرى ... لأجد أنني أمام محدث لوذعي ذو لسان فصيح وبلاغة لا
تخطئها العين ... كلماته دقيقة مركزة و
صاحب انفعال مثير للانتباه. إنه حقا رجل موسوعي فبين فيزياء و كيمياء و فلك وإلمام
بأمور العقيدة والشريعة لا يسعك إلا أن تشهد
للرجل برحابة فكره و شساعة معارفه واطلاعه على شتى المدارس الفكرية والفلسفية.
يأتي هذا الإستنتاج نتيجة طبيعية فللمرة
الأولى وجدت من يتستشهد بقولة لليسينج
وفولتير و جون جاك روسو و راسل وفرويد و غيرهم , فما اعتدت عليه من - غالبية - خطباءنا
و بعض مشايخنا أن الإستشهاد يكون مقتصرا
على من هم بمثل مرجعيتنا وأفكارنا أو من يقولون ما يسير وفق تصوراتنا .
قديكون هذا استنتاجا أوليا كذلك من خلال ملاحظات سطحية لا تنظر في جوهر الخطاب
بل في شكله بالأساس و قد يقول البعض أنه لا يصح اعتباره أساسا لإعجابك بعدنان فالذي يهم جوهر الخطاب
وليس شكله ولا بلاغة صاحبه بل مدى توافقه
مع " الشرع" وعدم مخالفته
لأوامر الله . – هكذا يقول البعض-
شيعي يسب الصحابة .. عميل للغرب ... وهابي .... عدو للدين ... كلها اتهامات -وهي
للبعض حقائق- يصفون بها عدنان ابراهيم
كلما ذكر اسمه وغالبا أمثال هؤلاء أصحاب
التهم الجاهزة يطلقون نفس الحكم على كل من
يخالف مادرجوا على قوله وفعله... كل من
يخرج عن المألوف ... كل من يسأل الأسئلة
الغريبة المقلقة المستفزة للعقل البشري ...
كل تلك الإتهامات سمعتها مرارا
وقرأتها الالاف المرات و أنا أتابع محاضرات الدكتور التي لم أنفك عن متابعتها منذ
ذلك الحين وحتى اللحظة ...
نعم أختلف مع بعض من آراءه,لا أرى
أن ما يقوله عين الصواب دائما , و أظن أن العديدين مثلي فمن طبيعة البشر أن يصيب ويخطب .. ومن يرى من
محبي عدنان إبراهيم أن كل كلامه حق فقد جانب الصواب ... رأيت
ومازلت أرى أن نبشه في عديد المواضيع لم يجر عليه سوى كثير من اللغظ والنقاشات
الفارغة التي لم توحد الشباب حوله بقدر ما فرقته ... لكن أعود وأقول أن كل رأي
استُند في طرحه لأدلة منظقية وبراهين قوية ... يستلزم من كل مهتم الوقوف عندها والبحث
بعمق وبجد ...
ما استفدته حقيقة من عدنان أبراهيم
هي تلك القناعة التي تشكلت لدي أن لي حقا
في أن أتساءل دون قيود أو شروط , دون أن أكون محكوما بضوابط تحد من حقي في السؤال
عما يشغل بالي ويؤرق تفكيري ويحيرني, دون أن أكثرت لمن سيكفرني فقط لأنني تساءلت
لماذا كذا ولما لم يكن كذا ..
ما استفدته من عدنان إبراهيم أن معرفة
الله ليس طريقا مفروشا بالورود بل هي رحلة من المد والجزر... رحلة لا يستشعر حلاوتها إلا من خبر مشقتها وتلذذ بمعاناتها.. وذاق ويلات البحت المتواصل والدؤوب عن الحقيقة ..
ما استفدته من عدنان إبراهيم أن الروح تتزين بنور العلم الحق وتضيء بكتاب
الله وتشرق باتباع ما صح عن رسول الله من قول وفعل أو عمل بغض النظر عن المذاهب
والشعابالمتعددة التي فرقت الأمة وجعلتها في صراعات جوفاء ..
ما استفدته من عدنان إبراهيم أن
المظاهر ليست أساسا للحكم على سداد القول وترجيح هذا على ذاك وأن دين الله متى
اختزل في مظاهر و أفعال مادية صار تقليدا ..
يبقى كل ما ذكرته سابقا مجرد آراء شخصية تخصني وحدي .. احترم اختلاف
البعض معي فيها بكل ود وحب ...


2 التعليقات
موضوع رائع ... زكريا ... رغم أني لا أتفق مع الدكتور عدنان ابراهيم في عديد مواضيعه وأسئلتها المقلقة والجريئة حول عدة قضايا إلا أنني أنوه بجرأته في مساءلة بعض العادات الذميمة والثوابت القديمة .... ووضع بعض المواقف في مكانها الحقيقي لانبثاقها وتشعبها... كتاباتك تعجبني كثيرا
ردحذفحفظك الله ورعاك أخي حسن ... وشكرا على تشجيعاتك الدائمة لي
ردحذف